فصل: فصل في الإنتقال من دين إلى دين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 الباب السادس في موانع نكاحها

قد سبق في الركن الثاني من الباب الثالث الإشارة إلى بيان الموانع ومنها ما نتكلم في إيضاحه في غير الباب ككونها ملاعنة ومعظمها نبسط الكلام فيه هنا إن شاء الله تعالى ويجمعها أربعة أجناس الجنس الأول المحرمية وهي الوصلة المحرمة للنكاح أبدا ولها ثلاثة أسباب القرابة والرضاع والمصاهرة‏:‏ السبب الأول القرابة ويحرم منها سبع الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت ولا تحرم بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات قربن أم بعدن والمراد بالأم كل أنثى ولدتك أو ولدت من ولدك ذكرا كان أو أنثى بواسطة أم بغيرها وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليها نسبك بالولادة بواسطة أم بغيرها وبنتك كل أنثى ولدتها أو ولدت من ولدها ذكرا كان أو أنثى بواسطة أم بغيرها وإن شئت قلت كل أنثى ينتهي إليك نسبها بالولادة بواسطة أم بغيرها وأختك كل أنثى ولدهآ أبواك أو أحدهما وبنت أخيك وبنت أختك منهما كبنتك منك‏.‏

وعمتك كل أنثى هي أخت ذكر ولدك بواسطة أو بغيرها وقد تكون من جهة الأم كأخت أب الأم وخالتك كل أنثى هي أخت أنثى ولدتك بواسطة أو بغيرها وقد تكون من جهة الأب كأخت أم الأب وعبر الأصحاب عنهن بعبارتين إحداهما قال الأستاذ أبو إسحق يحرم عليه أصوله وفصوله وفصول أول أصوله وأول فصل من كل أصل بعده أي بعد أول الأصول فالأصول الأمهات والفصول البنات وفصول أول الأصول الأخوات وبنات الأخ والأخت وأول فصل من كل أصل بعد الأصل الأول العمات والخالات الثانية قال الأستاذ أبو منصور البغداذي تحرم نساء القرابة إلا من دخلت في إسم ولد العمومة جو ولد الخؤولة وهذه العبارة أرجح لا يجازها ولأن الأولى لا تنص على الإناث لأن لفظ الأصول والفصول يتناول الذكور والإناث ولأن اللائق بالضابط أن يكون أقصر من المضبوط والأولى بخلافه‏.‏

فرع زنا بإمرأة فولدت بنتا يجوز للزاني نكاح البنت لكن يكره وقيل إن تيقن أنها من مائة إن تصور تيقنه حرمت عليه وقيل تحرم مطلقا والصحيح الحل مطلقا والبنت التي نفاها باللعان تحرم عليه إن كان دخل بأمها وكذا إن لم يدخل بها على الأصح قال المتولي وعلى هذا ففي وجوب القصاص بقتلها والحد بقذفها والقطع بسرقة مالها وقبول شهادته لها الوجهان قلت وسواء طاوعته على الزنا أو أكرهها والله أعلم‏.‏

السبب الثاني‏:‏ الرضاع فيحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فكل من أرضعتك أو أرضعت من أرضعتك أو أرضعت من ولدك بواسطة أو غيرها فهي أمك وكذلك كل إمرأة ولدت المرضعة أو الفحل وكل إمرأة ارتضعت بلبنك أو بلبن من ولدته أو أرضعتها إمرأة ولدتها أنت فهي بنتك وكذلك بناتها من النسب والرضاع وكل إمرأة أرضعتها أمك أو ارتضعت بلبن أبيك فهي أختك وكذلك كل إمرأة ولدتها المرضعة أو الفحل وأخوات الفحل والمرضعة وأخوات من ولدهما من النسب والرضاع عماتك وخالاتك وكذلك كل إمرأة أرضعتها واحدة من جداتك أو ارتضعت بلبن جد لك من النسب والرضاع وبنات أولاد المرضعة والفحل من النسب والرضاع بنات أخيك وأختك وكذلك كل أنثى أرضعتها أختك أو ارتضعت بلبن أخيك وبناتها وبنات أولادها من النسب والرضاع بنات أخيك وأختك وبنات كل ذكر أرضعته أمك أو ارتضع لبن أبيك وبنات أولاده من النسب والرضاع بنات أخيك وبنات كل إمرأة أرضعتها أمك أو ارتضعت لبن أبيك وبنات أولادها من النسب والرضاع بنات أختك‏.‏

فرع أربع نسوة يحرمن في النسب وفي الرضاع قد يحرمن وقد لا إحداهن أم الأخ والأخت في النسب حرام لأنها أم أو زوجة أب وفي الرضاع إن كانت كذلك حرمت وإلا فلا بأن أرضعت أجنبية أخاك أو أختك‏.‏

الثانية‏:‏ أم نافلتك في النسب حرام لأنها بنتك أو زوجة إبنك وفي الرضاع قد لا تكون بنتا ولا زوجة ابن بأن أرضعت أجنبية نافلتك‏.‏

الثالثة‏:‏ جدة ولدك في النسب حرام لأنها أمك أو أم زوجتك وفي الرضاع قد لا تكون كذلك بأن أرضعت أجنبية ولدك فإن أمها جدته وليست بأمك ولا بأم زوجتك‏.‏

الرابعة‏:‏ أخت ولدك حرام لأنها بنتك أو ربيبتك وإذا أرضعت أجنبية ولدك فبنتها أخته وليست بنتك ولا ربيبتك ولا تحرم أخت الأخ في النسب ولا في الرضاع وصورته في النسب أن يكون لك أخت لأم وأخ لأب فيجوز له نكاحها وفي الرضاع إمرأة أرضعتك وأرضعت صغيرة أجنبية منك يجوز لأخيك نكاحها وهذه الصور الأربع مستثناة من قولنا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب‏.‏

قلت كذا قال جماعة من أصحابنا تستثنى الصور الأربع وقال المحققون لا حاجة إلى استثنائها لأنها ليست داخلة في الضابط ولهذا لم يستثنها الشافعي وجمهور الأصحاب رضي الله عنهم ولا استثنيت في الحديث الصحيح يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب لأن أم الأخ لم تحرم لكونها أم أخ وإنما حرمت لكونها أما أو حليلة أب ولم يوجد ذلك في الصورة الأولى وكذا القول في باقيهن و الله أعلم‏.‏

السبب الثالث المصاهرة فيحرم بها على التأبيد أربع‏:‏ إحداهن أم زوجتك وأم زوجتك منها كأمك منك وسواء أمهات النسب والرضاع الثانية زوجة إبنك وابن إبنك وإن سفل بالنسب والرضاع وقول الله تعالى ‏"‏ وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم ‏"‏ المراد به أنه لا تحرم زوجة من تبناه‏.‏

الثالثة‏:‏ زوجة الأب والأجداد وإن علوا من قبل الأب والأم جميعاً وتحرم زوجة الأب من الرضاع‏.‏

الرابعة‏:‏ بنت الزوجة وبنت زوجتك منها كبنتك منك سواء بنت النسب والرضاع وتحرم الثلاث الأوليات بمجرد العقد بشرط أن يكون صحيحاً فأما النكاح الفاسد فلا يتعلق به حرمة المصاهرة لأنه لا يفيد حل المنكوحة وحرمة غيرها فرع لحلها‏.‏

وأما الرابعة وهي بنت الزوجة فلا تحرم إلا بالدخول بالزوجة وحكى الشيخ أبو عاصم العبادي وابنه أبو الحسن عن أبي الحسن أحمد بن محمد الصابوني من أصحابنا أن أم الزوجة لا تحرم إلا بالدخول بالزوجة كالربيبة وهو شاذ ضعيف‏.‏

فرع لا تحرم بنت زوج الأم ولا أمه ولا بنت زوج البنت أم زوجة الأب ولا بنتها ولا أم زوجة الإبن ولا بنتها ولا زوجة الربيب ولا زوجة الراب‏.‏

مجرد ملك اليمين لا يثبت شيئاً من هذه المحرمات لكن الوطء يثبتها حتى تحرم الموطوءة على ابن الواطىء وأبيه وتحرم عليه أم الموطوءة وبنتها والوطء بشبهة النكاح الفاسد والشراء الفاسد ووطء الجارية المشتركة وجارية الإبن يثبت حرمة المصاهرة كما يثبت النسب ويوجب العدة وحكي قول أن وطء الشبهة لا يثبت حرمة المصاهرة كالزنا والمشهور الذي قطع به الجمهور الأول وذلك فيما إذا شملت الشبهة الواطىء أو الموطوءة فإن اختصت الشبهة بأحدهما والآخر زان بأن وطئها يظنها زوجته وهي عالمة أو يعلم وهي جاهلة أو نائمة أو مكرهة أو مكنت البالغة العاقلة مجنونا أو مراهقا عالمة فوجهان أصحهما الإعتبار بالرجل فتثبت المصاهرة إذا اشتبه عليه كما يثبت النسب والعدة ولا يثبت إذا لم يشتبه عليه كما لا يثبت النسب والعدة والثاني تثبت المصاهرة في أيهما كانت الشبهة وعلى هذا وجهان أحدهما يختص بمن اختصت الشبهة به فإن كان الإشتباه عليه حرم عليه أمها وبنتها ولا تحرم على أبيه وابنه‏.‏

وإن كان الإشتباه عليها حرمت على ابنه وأبيه ولا تحرم عليه أمها وبنتها والثاني أنها تعم الطرفين كالنسب‏.‏

فرع الوطء في النكاح وملك اليمين كما يوجب الحرمة يوجب المحرمية فيجوز للواطىء الخلوة والمسافرة بأم الموطوءة وبنتها والنظر إليها ولإبنه الخلوة والمسافرة بالموطوءة والنظر وفي وطء الشبهة وجهان ويقال قولان أصحهما عند الإمام كذلك لأن الشبهة تثبت النسب والعدة فكذا المحرمية وأصحهما عند الجمهور المنع وحكوه عن نصه في الإملاء‏.‏

فرع الزنا لا يثبت المصاهرة فللزاني نكاح أم المزني بها وبنتها ولو لاط بغلام لم يحرم على الفاعل أم الغلام وبنته ولو ملك جارية محرمة عليه برضاع أو مصاهرة فوطئها فإن لم نوجب به الحد ثبتت المصاهرة وإن أوجبناه فلا‏.‏

فرع المفاخذة والقبلة والمس هل هي كالوطء فتثبت المصاهرة وتحرم أظهرهما عند البغوي والروياني نعم وأظهرهما عند ابن أبي هريرة وابن القطان والإمام وغيرهم لا والقولان فيما إذا جرى ذلك بشهوة فأما المس بغير شهوة فلا أثر له على المذهب وبه قطع الجمهور قال الإمام ومنهم من أطلق القولين في الملامسة وأما النظر بشهوة فلا يثبت المصاهرة على فرع إذا استدخلت ماء زوجها أو أجنبي بشبهة ثبتت المصاهرة والنسب وفي تقدير المهر ووجوبه للمفوضة وثبوت الرجعة والغسل والمهر في صورة الشبهة وجهان أصحهما المنع ولو أنزل أجنبي بزنا لم يثبت باستدخاله المصاهرة ولا النسب وإن أنزل الزوج بالزنا حكى البغوي أنه لا يثبت النسب ولا المصاهرة ولا العدة وقال من عند نفسه وجب أن تثبت هذه الأحكام كما لو وطىء زوجته يظن أنه يزني‏.‏

فرع ما أثبت التحريم المؤبد إذا طرأ على النكاح قطعه فلو نكح إمرأة فوطئها أبوه أو إبنه بشبهة أو وطىء هو أمها أو بنتها بشبهة إنفسخ نكاحها وفي المولدات لإبن الحداد فرعان يتعلقان بهذا الأصل أحدهما نكح امرأة ونكح ابنه ابنتها ووطىء كل واحد منهما زوجة الآخر غالطا إنفسخ النكاحان وهذا تفريع على المشهور أن وطء الشبهة كالوطء في ملك ويجب على كل واحد منهما مهر المثل للتي وطئها بالشبهة ثم إن سبق وطء الأب فعليه لزوجته نصف المسمى لأنه الذي رفع نكاحها فهو كما لو طلقها قبل الدخول وهل يجب على الإبن لزوجته نصف المسمى وقال الشيخ أبو علي إن كانت زوجة الإبن نائمة أو صغيرة لا تعقل أو مكرهة وجب وإن كانت عاقلة طاوعت الأب تظنه زوجها فلا شيء لها فإن أوجبنا رجع الإبن على أبيه لأنه فوت نكاحه وهل يرجع بمهر المثل أم بنصفه أم بما غرم فيه ثلاثة أقوال نوضحها في كتاب الرضاع إن شاء الله تعالى‏.‏

وأما إن سبق وطء إلإبن فعليه لزوجته نصف المسمى وهل يلزم الأب لزوجته نصف المسمى فيه الأوجه فإن ألزمناه رجع على الإبن كما ذكرنا ولو وقع الوطآن معا فعلى كل واحد نصف ما سمى لزوجته وهل يرجع على الآخر وجهان قال القفال يرجع كل واحد على صاحبه بنصف ما كان يرجع به لو انفرد ويهدر نصفه كالإصطدام فإنها حرمت بفعلهما وقال الشيخ أبو علي لا يرجع بشىء‏.‏

الفرع الثاني نكح إمرأتين في عقد فبانت إحداهما أم الأخرى بطل النكاحان ولا شيء لواحدة منهما إلا أن يطأ فيجب مهر المثل ولو نكحهما في عقدين ووطىء إحداهما ثم بان الحال نظر إن سبق نكاح الأم فإن كانت هي الموطوءة فنكاحها بحاله والأخرى محرمة وإن كانت البنت هي الموطوءة فالنكاحان باطلان لأن البنت نكحها وعنده أمها والأم أم موطوءة بشبهة وله أن يتزوج البنت متى شاء لأنها ربيبة لم يدخل بأمها ويجب للبنت مهر المثل وللأم نصف المسمى وإن سبق نكاح البنت فإن كانت هي الموطوءة فنكاحها بحاله والأم حرام أبدأ وإن كانت الموطوءة الأم بطل النكاحان وحرمتا أبدا وللأم مهر المثل وللبنت نصف المسمى وإن أشبهت الموطوءة وعرفت التي سبق نكاحها ثبت نكاح السابقة لأن الأصل إستمرار صحته وليس له نكاح الثانية لأن الأولى إن كانت بنتا فالثانية أم إمرأته محرمة أبداً‏.‏

وإن كانت أما فليس له نكاح البنت وأمها تحته وإن ارتفع نكاح الأم بطلاق أو غيره لم يحل له واحدة منهما لأن إحداهما محرمة أبدا فصار كإشتباه أخته بأجنبية وإن اشتبه السابق من النكاحين وعرفت الموطوءة فغير الموطوءة محرمة أبدا والموطوءة يوقف نكاحها وتمنع من نكاح غيره وإن طلبت الفسخ للإشتباه فسخ كما في اشتباه الأوليين وإن اشتبه السابق من النكاحين والموطوءة وقف عنهما لإحتمال سبق البنت والدخول بالأم وليس له نكاح واحدة منهما لأن إحداهما محرمة أبداً ولو كانت المسألة بحالها لكن وطئهما جميعاً بطل النكاحان وحرمتا أبداً ثم إن وطىء أولا التي نكحها أولا فللأولى مهرها المسمى وللثانية مهر المثل وإن وطىء أولا التي نكحها آخرا فلها مهر المثل لأنه لم ينعقد نكاحها وللمنكوحة أولا جميع مهر المثل ونصف المسمى أما نصف المسمى فلارتفاع نكاحها بسبب من الزوج وأما جميع مهر المثل فلأنه وطئها بشبهة بعد ارتفاع النكاح‏.‏

إذا اختلطت محرم بنسب أو رضاع أو مصاهرة بأجنبيات قال الأصحاب إن كان الإختلاط بعدد لا ينحصر كنسوة بلدة أو قرية كبيرة فله نكاح واحدة منهن قال الإمام هذا ظاهر إن عم الإلتباس فأما إذا أمكنه نكاح من لا يشك فيها فيحتمل أن يقال لا ينكح من المشكوك فيهن والمذهب أنه لا حجر فإن كان الإختلاط بعدد محصور فليجتنبهن فلو خالف ونكح واحدة منهن لم يصح على الأصح قال الإمام المحصور ما عسر عده على آحاد الناس وقال الغزالي كل عدد لو اجتمعوا في صعيد لعسر على الناظر عددهم بمجرد النظر كالألف فهو غير محصور وإن سهل كالعشرة والعشرين فمحصور وبين الطرفين أوساط يلحق بأحدهما بالظن وما وقع فيه الشك استفتي فيه القلب‏.‏

الجنس الثاني ما يقتضي حرمة غير مؤبدة ويتعلق بعدد وهو ثلاثة أنواع الأول الجمع بين الأختين من النسب أو الرضاع سواء الأختان من الأبوين أو من أحدهما فلو نكحهما بطل نكاحهما وإن نكحها مرتبا بطلت الثانية فإن وطئها جاهلا بالحكم فعليها العدة ولها مهر المثل وله وطء الأولى وإن كانت الثانية في العدة لكن المستحب أن لا يفعل ولو طلق إمرأته طلاقا بائنا فله نكاح أختها في عدتها وإن كان رجعيا لم تحل أختها حتى تنقضي عدتها فلو ادعى أنها أخبرته بانقضاء العدة والوقت محتمل وقالت لم تنقض فوجهان أصحهما وهو نصه في الإملاء أن له نكاح أختها ولو طلق الأولى لم يقع ولو وطئها لزمه الحد لزعمه انقضاء عدتها وقال الحليمي والقفال ليس له نكاح أختها لأن القول قولها في العدة وعلى هذا لو طلقها وقع ولو وطئها فلا حد وتجب النفقة على الوجهين لأنه لا يقبل قوله في إسقاط حقها ولو طلق زوجته الأمة طلاقاً رجعياً ثم اشتراها فله نكاح أختها في الحال وكذا لو اشتراها قبل الطلاق لأن ذلك الفراش انقطع‏.‏

فرع يحرم الجمع بين المرأة وبنت أخيها وبنات أولاد أخيها وكذا بين المرأة وبنت أختها وبنات أولاد أختها سواء كانت العمومة والخؤولة من النسب أو الرضاع وضبط تحريم الجمع بعبارات إحداهن يحرم الجمع بين كل إمرأتين بينهما قرابة أو رضاع ولو كانت إحداهما ذكرا لحرمت المناكحة بينهما الثانية يحرم بين كل إمرأتين بينهما قرابة أو رضاع يقتضي المحرمية الثالثة يحرم بين كل إمرأتين بينهما وصلة قرابة أو رضاع لو كانت تلك الوصلة بينك وبين إمرأة لحرمت عليك وقصدوا بقيد القرابة والرضاع الإحتراز عن الجمع بين المرأة وأم زوجها وبنت زوجها فإن هذا الجمع غير محرم وإن كان يحرم النكاح بينهما لو كان أحدهما ذكرا لكنه ليس بقرابة ولا رضاع بل مصاهرة وليس فيها رحم يحذر قطعها بخلاف الرضاع والقرابة‏.‏

لدخولهما في الضابط فلو نكحهما معا بطل نكاحهما ولو نكحهما في عقدين فالثانية باطلة فإن كانت الثانية البنت جاز أن ينكحها إن فارق الأم قبل الدخول‏.‏

فرع يجوز الجمع بين بنت الرجل وربيبته وبين المرأة وربيبة زوجها من المناكحة بتقدير ذكورة أحدهما‏.‏

 فصل كل امرأتين يحرم الجمع بينهما في النكاح يحرم الجمع بينهما في الوطء

بملك اليمين لكن يجوز الجمع بينهما في نفس الملك فإذا اشترى أختين أو امرأة وعمتها أو خالتها معا أو متعاقبتين صح الشراء وله وطء أيتهما شاء فإذا وطىء واحدة حرم عليه وطء الأخرى لكن لا يجب به الحد لأن له طريقا إلى استباحتها بخلاف ما لو وطىء أخته من الرضاع وهي ملكه فإنه يحد على قول لأنه لا يستبيحها بحال ثم الثانية ببقى حراما كما كانت والأولى حلالا كما كانت فلا يحرم الحرام الحلال لكن يستحب أن لا يطأ الأولى حتى يستبرىء الثانية وعن أبي منصور بن مهران أستاذ الأودني أنه إذا أحبل الثانية حلت وحرمت الأولى وهو غريب ثم لا تزال غير الموطوءة محرمة عليه حتى يحرم الموطوءة على نفسه إما بإزالة ملك كبيع كلها أو بعضها أو هبة مع الإقباض أو بالإعتاق وإما بإزالة الحل بالتزويج أو الكتابة ولا يكفي الحيض والإحرام والعدة عن وطء شبهة لأنها أسباب عارضة لم تزل الملك ولا الإستحقاق فكذا الردة لا تبيح الأخرى وكذا الرهن على الأصح ولو باع بشرط الخيار فحيث يجوز للبائع الوطء لا تحل به الثانية وحيث لا يجوز وجهان قال الإمام الوجه عندي القطع بالحل ولا يكفي إستبراء الأولى لأنه لا يزيل الفراش وعن القاضي حسين أن القياس الإكتفاء لأنه يدل على البراءة‏.‏

وعن القاضي أبي حامد قال غلط بعض أصحابنا فقال إذا قال حرمتها على نفسي حرمت عليه وحلت الأخرى ثم إذا حرمها بالأسباب المؤثرة فعاد الحل بأن باعها فردت عليه بعيب أو إقالة أو زوجها فطلقت أو كاتبها فعجزت لم يجز له وطؤها حتى يستبرئها لحدوث الملك فإذا استبرأها فإن لم يكن وطىء الثانية بعد تحريم الأولى فله الآن وطء أيتهما شاء وإن كان وطئها لم يجز وطء العائدة حتى تحرم الأخرى‏.‏

فرع الوطء في الدبر كالقبل فتحرم الأخرى به وفي اللمس والقبلة والنظر بشهوة مثل الخلاف السابق في حرمة المصاهرة‏.‏

فرع ملك أختين إحداهما مجوسية أو أخته برضاع فوطئها بشبهة جاز وطء الأخرى لأن الأولى محرمة ولو ملك أما وبنتها ووطء إحداهما حرمت الأخرى أبدا فلو وطىء الأخرى بعد ذلك جاهلا بالتحريم حرمت الأولى أيضاً أبداً وإن كان عالما ففي وجوب الحد قولان إن قلنا لا حرمت الأولى أيضاً أبدا وإلا فلا‏.‏

 فصل ملكها ولم يطأ

أو وطىء ثم نكح أختها أو عمتها صح المنكوحة وحرمت المملوكة‏.‏

ولو نكح إمرأة ثم ملك أختها فالمملوكة حرام ويبقى حل المنكوحة‏.‏

 فصل ارتدت الزوجة بعد الدخول

يحرم نكاح أختها وأربع سواها قبل انقضاء العدة كالرجعية‏.‏

قال ابن الحداد فلو قال لها أنت طالق ثلاثا فله في الحال نكاح أختها لحصول البينونة وكذا الحكم لو ارتدت فخالعها في الردة ولو كان تحته صغيرة وكبيرة مدخول بها فارتدت الكبيرة وأرضعت أمها في عدتها الصغيرة وقف نكاح الصغيرة فإن أصرت الكبيرة حتى انقضت العدة ففي نكاح الصغيرة بحاله وإن أسلمت في العدة بطل نكاح الصغيرة وفي بطلان نكاح الكبيرة قولان نذكرهما إن شاء الله تعالى في نظير المسألة في الرضاع قال الشيخ أبو علي أظهرهما لا يبطل كما لو نكح أختا على أخت لا تبطل الأولى وكذا الحكم لو كانت المرضعة أخت الكبيرة ثم على الزوج للصغيرة نصف المسمى وللكبيرة تمامه ويرجع الزوج على المرضعة بنصف مهر مثل الصغيرة على الأظهر وبكله في قول وبجميع مهر مثل الكبيرة على الأظهر إن أبطلنا نكاحها النوع الثاني في قدر العدد المباح ولا يجوز للحر أن ينكح أكثر من أربع نسوة فلو نكح خمساً في عقد بطل نكاحهن وإن نكحهن مرتبا بطل الزيادة على الأربع الأوليات ولو نكح خمسا في عقد فيهن أختان بطل فيهما وفي البواقي قولا تفريق الصفقة والأظهر الصحة ولو نكح سبعا فيهن أختان بطل الجميع ولو كان تحته أربع فأبانهن فله نكاح أربع بدلهن وإن كن في العدة ولو أبان واحدة فله نكاح أخرى في عدة المبانة ولو وطىء إمرأة بشبهة فله نكاح أربع في عدتها ولو كانت المفارقة رجعية لم تجز وأما العبد فلا يجوز أن يزيد على إمرأتين‏.‏

فرع لإبن الحداد نكح ست نسوة ثلاثا في عقد وثنتين في عقد في عقد ولم يعلم المتقدم فنكاح الواحدة صحيح على كل تقدير لأنها لا تقع إلا أولة أو ثالثة أو رابعة فإنها لو تأخرت عن العقدين كان ثانيهما باطلا فتقع هي صحيحة وأما البواقي فقال ابن الحداد لا يثبت نكاحهن لأن كل واحد من عقديهما يحتمل كونه متأخرا باطلا والأصل عدم الصحة‏.‏

قال الشيخ أبو علي ما ذكره ابن الحداد غلط عند عامة الأصحاب بل يصح مع نكاح الواحدة إما الثنتان وإما الثلاث وهو الذي سبق منهما ولا نعرف عينه فيوقف ويسأل الزوج فإن ادعى سبق الثنتين وصدقتاه ثبت نكاحهما وإن ادعى سبق الثلاث وصدقنه فكذلك وإن قال لا أدري أو لم يبين فلهن طلب الفسخ وإن رضين بالضرر لم ينفسخ وعلى الزوج نفقة الجميع مدة التوقف فإن مات قبل البيان اعتدت من لم يدخل بها عدة وفاة ومن دخل بها بأقصى الأجلين من وفاة وأقراء ويدفع إلى الفردة ربع ميراث النسوة لإحتمال صحة نكاح ثلاث معها ثم يحتمل أن يكون الصحيح معها نكاح الثلاث فلا يستحق غير الربع المأخوذ ويحتمل صحة نكاح الثنتين فيستحق الثلث فيوقف ما بين الثلث والربع وهو نصف سدس بين الواحدة والثلاث لا حق للثنتين فيه ويوقف الثلثان بين نصيب النسوة بين الثنتين والثلاث لا حق للواحدة فيه فإن أردن الصلح قبل البيان فالصلح في نصف السدس بين الواحدة والثلاث وفي الثلثين بين الثلاث والثنتين وأما المهر فللمفردة المسمى وأما البواقي فإن دخل بهن قابلنا المسمى لإحدى الفرقتين ومهر المثل بالمسمى للفرقة الأخرى ومهر مثل الأولى وأخذنا أكثر القدرين من التركة ودفعنا إلى كل واحدة منهن الأقل من مسماها ومهر مثلها ووقفنا الباقي مثاله سمى لكل واحدة مائة ومهر مثل كل واحدة خمسون فمسمى الثلاث ومهر مثل الثنتين أربعمائة وهي أكثر من مسمى الثنتين ومهر مثل الثلاث فنأخذ من التركة أربعمائة وندفع إلى كل واحدة خمسين ونقف الباقي وهو مائة وخمسون منها مائة بين النسوة الخمس وخمسون بين الثلاث والورثة فإن بان صحة نكاح الثنتين فالمائة لهما والخمسون للورثة وإن بان صحة الثلاث فالمائة والخمسون لهن وإن لم يدخل بواحدة أخذنا من التركة أكثر المسميين ولا نعطي في الحال واحدة شيئاً والأكثر في المثال المذكور ثلثمائة فنقف مائتين بين الثلاث والثنتين ومائة بين الثلاث والورثة وإن دخل بإحدى الفرقتين أخذنا الأكثر من مسمى المدخول بهن فقط ومن مهر مثلهن مع مسمى الفرقة الأخرى وأعطي الموطوءات الأقل من المسمى ومهر مثلهن ففي المثال المذكور إن دخل بالثنتين فمهر مثلهما مع مسمى الثلاث أربعمائة وذلك أكثر من مسمى الثنتين فنأخذ أربعمائة ونعطي كل واحدة من الثنتين خمسين ونقف مائة بينهما وبين الثلاث ومائتين بين الثلاث والورثة فإن بان صحة نكاح الثنتين دفعنا المائة إليهما والباقي للورثة وإن بان صحة نكاح الثلاث دفعناها مع المائتين إليهن وإن دخل بالثلاث فمهر مثلهن مع مسمى الثنتين ثلاثمائة وخمسون وذلك أكثر من مسمى الثلاث فنأخذ ثلاثمائة وخمسين ونعطي كل واحدة من الثلث خمسين منها ونقف الباقي وهو مائتان منها مائة وخمسون بين الثنتين والثلاث والباقي بين الثنتين والورثة فإن بان صحة نكاح الثلاث أعطيناهن مائة وخمسين والباقي للورثة وإن بان صحة نكاح الثنتين أعطيناهما المائتين قال الشيخ أبو علي فإن كانت المسألة بحالها ونكح أربعا أخر في عقد رابع ولم يعرف الترتيب لم يحكم بصحة نكاح الواحدة لاحتمال وقوعه بعد الأربع فإن مات قبل البيان وقفنا ميراث زوجات ولا نعطي واحدة منه شيئاً وأما المهر فإن دخل بهن أخذنا لكل واحدة الأكثر من مسماها ومهر مثلها وأعطيناها أقلهما ووقفنا الباقي بينها وبين الورثة فإن لم يدخل بواحدة منهن فيحتمل أن يكون الصحيح نكاح الأربع ويحتمل أن تكون الواحدة مع الثلاث أو مع الثنتين فينظر مهر الأربع وحده ومهر الواحدة مع الثلاث ثم مع الثنتين ويؤخذ أكثر المقادير الثلاثة ويوقف وإن دخل ببعضهن أخذ للمدخول بها أكثر مهريها وتعطى منه أقلهما ويوقف الباقي بينها وبين الورثة وأخذ لغير المدخول بها مسماها فيوقف بينها وبين الورثة‏.‏

النوع الثالث إستيفاء عدد الطلاق فإذا طلق الحر زوجته ثلاثا في نكاح أو أنكحة دفعة أو أكثر قبل الدخول أو بعده لم يحل له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره ويطأها ويفارقها وتنقضي عدتها منه وإذا طلق العبد طلقتين فكطلاق الحر ثلاثاً ولو عتق بعد ذلك لم يؤثر ويشترط أن يكون الوطء في نكاح صحيح وفي قول يكفي الوطء في نكاح فاسد ومنهم من أنكره ومنهم من طرده في وطء الشبهة والمذهب الأول ويشترط تغييب جميع الحشفة في الفرج وبه تتعلق أحكام الوطء كلها وقال البغوي إن كانت بكرا فأقله الإقتضاض بآلته ومن قطعت حشفته إن بقي من ذكره دون قدرها لم يحل وإن بقي قدرها فقط أحل وإن بقي أكثر من قدرها كفى تغييب قدر حشفة هذا الشخص على الأصح‏.‏

وقيل يشترط تغييب جميع الباقي سواء كان قوي الإنتشار أو ضعيفه فاستعان بأصبعه أو أصبعها فإن لم يكن إنتشار أصلا لتعنين أو شلل أو غيرهما لم يحصل التحليل على الصحيح وبه قطع جمهور الأصحاب في كتبهم لعدم ذوق العسيلة وحصله الشيخ أبو محمد والغزالي لحصول الوطء وأحكامه واستدخال ذكر النائم وغيره يحلل واستدخال الماء لا يحلل قلت ولو لف على ذكره خرقة وأولج حلل على الصحيح والله أعلم‏.‏

فرع يحصل التحليل بكل زوج حر مسلم وعبد ومجنون وخصي وذمي إذا المطلقة ذمية سواء كان المطلق مسلماً أو ذمياً ويشترط وطء الذمي في وقت لو ترافعوا إلينا لقررناهم على ذلك النكاح قلت لا يشترط في تحليل الذمية للمسلم وطء ذمي بل المجوسي والوثني يحللانها أيضاً للمسلم كما يحصنانها صرح به إبراهيم المروذي والله أعلم‏.‏

والصبي الذي يتأتى منه الجماع كالبالغ على المشهور والطفل الذي لا يتأتى منه لا يحلل على الصحيح وعن القفال أنه يحلل قلت هذا الوجه كالغلط المنابذ لقواعد الباب ونقل الإمام إتفاق الأصحاب أنه لا يحلل والله أعلم‏.‏

فرع إذا كانت المطلقة ثلاثا صغيرة ووطئها زوج حلت قطعاً وقيل في التي لا تشتهى الوجهان كتحليل الصبي‏.‏

فرع لو وطئها في إحرامه أو إحرامها أو الحيض أو صوم التكفير عن ظهارها أو ظانا أنها أجنبية حلت لأنه وطء زوج في نكاح صحيح ولو وطئها وهي في عدة وطء شبهة وقع بعد نكاحه حلت على الأصح ولو وطئها في حال ردته أو ردتها وعاد إلى الإسلام لم تحل نص عليه لاضطراب النكاح بخلاف سائر أسباب التحريم واعترض المزني بأنه إن دخل بها قبل الردة فقد حلت وإلا فتبين بنفس الردة قال الأصحاب تتصور العدة بلا دخول بأن يطأها في الدبر أو فيما دون الفرج فسبق الماء أم تستدخل ماءه فتجب العدة ولا تحل بهذه الأسباب وكذا بالخلوة على القديم قلت هذا الذي ذكره عن النص أنها لا تحل بالوطء في الردة هو الصواب وبه قطع جماهير الأصحاب وقال صاحب التلخيص إن اجتمعا في الإسلام قبل انقضاء العدة حلت للأول لتابعه عليه القفال وليس بشيء ولو طلقها رجعيا باستدخال الماء قبل الدخول ثم وطئها في العدة لم تحل للأول وإن راجعها في العدة نص عليه الشافعي والأصحاب وقال إبرهيم المروذي إذا قلنا تحل بوطء الشبهة فهنا أولى وإلا فلا تحل والله أعلم‏.‏

فرع نكحها على أنه إذا وطئها بانت منه أو نكحها إلى أن على أنه إذا وطئها فلا نكاح بينهما فنكاح باطل فإن شرط أنه إذا وطئها طلقها فباطل أيضاً على الأظهر وفي قول يصح العقد ويبطل الشرط ويجب مهر المثل ولو تزوج بلا شرط وفي عزمه أن يطلقها إذا وطئها كره وصح العقد وحلت بوطئه ولو نكحها على أن لا يطأها إلا مرة أو على أن لا يطأها نهارا ف للشافعي رحمه الله في بطلان النكاح أو صحته دون الشرط نصان وقيل قولان والمذهب أنهما على حالين فالبطلان إذا شرطت الزوجة أن لا يطأها والصحة إذا شرط الزوج أن لا يطأ لأنه حقه فله تركه والتمكين عليها ولو نكحها بشرط أن لا تحل له فقال الإمام يجب أن تلحق بشرط ترك الوطء وفي فتاوى القفال أنه لو تزوج أمة على أن لا يملك الإستمتاع ببضعها فكشرط أن لا يطأ وإن تزوجها بشرط أن لا يملك بضعها فإن أراد الإستمتاع فكذلك وإن أراد ملك العين لم يضر وجميع ما ذكرناه إذا شرطه في نفس العقد ولو تواطآ في شيء من ذلك قبل العقد وعقدا على ذلك القصد بلا شرط فليس كالمشروط على الصحيح‏.‏

فرع قال الأئمة أسلم طريق في الباب وأدفعه للعار أن تزوج بعبد وتستدخل حشفته ثم تتملكه ببيع أو هبة ونحوهما فينفسخ النكاح ويحصل التحليل إن صححنا تحليل الصبي وجوزنا إجبار العبد الصغير على النكاح وإلا فلا‏.‏

فرع إذا قالت المطلقة ثلاثا نكحت زوجا آخر فوطئني وفارقني وانقضت عدتي منه قبل قولها عند الإحتمال وإن أنكر الزوج الثاني وصدق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر فكذلك لأنها مؤتمنة في انقضاء العدة والوطء يعسر إقامة البينة عليه ثم إن ظن صدقها فله نكاحها بلا كراهة وإن لم يظنه استحب أن لا يتزوجها وإن قال هي كاذبة لم يكن له نكاحها فإن قال بعده تبينت صدقها فله نكاحها قلت قد حزم الفوراني بأنه إذا غلب على ظنه كذبها لم تحل له وتابعه الغزالي على هذا وهو غلط عند الأصحاب وقد نقل الإمام إتفاق الأصجاب على أنها تحل وإن غلب على ظنه كذبها إذا كان الصدق ممكناً قال وهذا الذي قاله الفوراني غلط وهو من عثرات الكتاب ولعل الرافعي لم يحك هذا الوجه لشدة ضعفه ولقول الإمام إنه غلط قال إبرهيم المروذي ولو كذبها الزوج والولي والشهود لم تحل على الأصح والله أعلم‏.‏

فرع طلق زوجته الأمة ثم اشتراها قبل وطء زوج لا يحل له اليمين على الصحيح لظاهر القرآن قلت قال العلماء الحكمة في اشتراط التحليل التنفير من الطلاق الثلاث و الله أعلم‏.‏

الجنس الثالث من الموانع رق المرأة وهو ضربان رقيقة يملكها ورقيقة لا يملكها‏.‏

الضرب الأول‏:‏ مملوكته فليس له نكاح من يملكها أو بعضها ولو ملك بعض زوجته إنفسخ نكاحه وليس لها نكاح من تملك بعضه ولو ملكت زوجها إنفسخ نكاحها‏.‏

الضرب الثاني‏:‏ أمة غيره فلا تحل للحر إلا بشروط أحدها أن لا يكون تحته حرة يتيسر الإستمتاع بها مسلمة أو كتابية وفي وجه لا يمنع كون الكتابية تحته فإن لم يتيسر الإستمتاع بأن كانت تحته صغيرة أو هرمة أو غائبة أو مجنونة أو مجذومة أو برصاء أو رتقاء أو مضناة لا تحتمل الجماع فوجهان‏:‏ أحدهما يصح نكاح الأمة وهذا أصح عند صاحب المهذب والقاضي حسين وقطع به ابن الصباغ وجماعة من العراقيين والثاني المنع وبه قطع الإمام والغزالي والبغوي فعلى هذا لا يصح نكاح الأمة حتى تبين منه الحرة الشرط الثاني أن لا يقدر على نكاح حرة لعدم الحرة أو عدم صداقها فلو قدر على نكاح حرة رتقاء أو قرناء أو مجنونة أو مجذومة أو رضيعة أو معتدة عن غيره فله نكاح الأمة على الأصح ولو قدر على حرة كتابية لم تحل الأمة على الأصح وقول الله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات قيد بالمؤمنات لأنه الغالب لا للإشتراط ولو قدر على حرة غائبة قال الأصحاب إن كان يخاف العنت في مدة قطع المسافة أو يلحقه مشقة ظاهرة بالخروج إليها فله نكاح الأمة وإلا فلا‏.‏

قال الإمام المشقة المعتبرة أن ينسب متحملها في طلب زوجه إلى الإسراف ولو لم يجد إلا حرة لا ترضى إلا بأكثر من مهر مثلها وهو واجده فنقل البغوي أنه لا ينكح أمة ونقل المتولي جوازه وقال الإمام والغزالي إن كانت زيادة يعد بذلها إسرافا حلت الأمة وإلا فلا‏.‏

وفرقوا بينه وبين الماء في التيمم بأن الحاجة إلى الماء تتكرر وبأن هذا الناكح لا يعد مغبونا قلت قطع آخرون بموافقة المتولي وهو الأصح والله أعلم‏.‏

ولو لم يقدر على مهر ووجد حرة ترضى بمهر مؤجل وهو يتوقع القدرة عليه عند المحل أو وجد من يبيعه نسيئة ما يفي بصداقها أو وجد من يستأجره بأجرة معجلة أو رضيت حرة بأن ينكحها بلا مهر حلت الأمة على الأصح ولو أقرض مهرها لم يجب القبول على المذهب لاحتمال المطالبة في الحال وقيل بالوجهين ولو رضيت حرة بدون مهر مثلها وهو يجده لم تحل الأمة على المذهب لأن المنة فيه قليلة إذ العادة المسامحة في المهور ولو وهب له مال أو جارية لم يلزمه القبول وحلت الأمة ومن له مسكن وخادم هل له نكاح الأمة أم عليه بيعهما وصرفهما إلى طول حرة وجهان حكاهما ابن كج قلت أصحهما الأول و الله أعلم‏.‏

والمال الغائب لا يمنع نكاح الأمة كما لا يمنع ابن السبيل الزكاة ومن هو معسر وله ابن موسر يجوز له نكاح الأمة إن لم نوجب على الإبن إعفافه وإن أوجبناه فوجهان لأنه مستغن بمال الإبن قلت أصحهما المنع وبه قطع جماعة و الله أعلم‏.‏

الشرط الثالث خوف العنت والمراد به هنا الزنا قال الإمام ليس المراد بالخوف أن يغلب على ظنه الوقوع في الزنا بل أن يتوقعه لا على الندور وليس المراد بغير الخائف أن يعلم اجتنابه بل غلبة الظن بالتقوى والإجتناب ينافي الخوف فمن غلبت عليه شهوته وضعف تقواه فهو خائف ومن ضعفت شهوته وهو يستبدع الزنا لدين أو مروءة أو حياء فهو غير خائف وإن غلبت شهوته وقوي تقواه ففيه إحتمالان للإمام أصحهما لا يجوز نكاح الأمة وبه قطع الغزالي لأنه لا يخاف الوقوع في الزنا والثاني إن كان ترك الوقاع يجر ضررا أو مرضا فله نكاح الأمة وأما المجبوب فلا يتصور منه الزنا قال الإمام والمتولي ليس له نكاح الأمة قال المتولي فلو نكح حر أمة فوجدته مجبوبا وأرادت الفسخ فقال الزوج جب ذكري بعد النكاح فإن كان قوله غير محتمل بأن كان الموضع مندملا وقد عقد النكاح أمس فالنكاح باطل وإن كان محتملا فإن صدقنه فذاك وإن كذبته فدعواها باطلة لأن مقتضى قولها بطلان النكاح من أصله وقال الروياني في البحر للخصي والمجبوب نكاح الأمة عند خوف الوقوع في الفعل المأثوم به لأن العنت المشقة‏.‏

فرع القادر على شراء أمة يتسراها لا يحل له نكاح أمة على ولو كان في ملكه أمة لم ينكح أمة قطعاً وطرد الحناطي الخلاف فيه فعلى المذهب لو كانت الأمة التي يملكها غير مباحة فإن وفت قيمتها بمهر حرة أو ثمن أمة يتسراها لم ينكح الأمة وإلا فينكحها الشرط الرابع كون الأمة المنكوحة مسلمة ولا يشترط كونها لمسلم على الأصح ويجوز للحر الكتابي نكاح الأمة الكتابية على الأصح ويقال الأظهر ولا يجوز نكاحها للعبد المسلم على المشهور وأما نكاح العبد المسلم الأمة المسلمة فسيأتي إن شاء الله تعالى في باب نكاح المشرك والعبد الكتابي ينكح الأمة الكتابية إن نكحها الحر الكتابي وإلا فوجهان أصحهما الجواز قلت ونكاح الحر المجوسي والوثني الأمة المجوسية والوثنية كالكتابي الأمة الكتابية والله أعلم‏.‏

فرع للحر المسلم وطء أمته الكتابية دون المجوسية والوثنية كالنكاح‏.‏

 فصل من استجمع شروط نكاح الأمة

ليس له نكاح أمة صغيرة لا الأصح لأنه لا يأمن بها العنت ومن بعضها رقيق كالرقيقة لا ينكحها حر إلا بالشروط ولو قدر على نكاحها فهل يباح له نكاح الرقيقة المحضة فيه تردد للإمام لأن إرقاق بعض الولد أهون من إرقاق كله وحكي عن بعض الأصحاب أن من بعضه رقيق كالرقيق فينكح الأمة مع القدرة على الحرة لأنه كالرقيق في الولاية والنظر‏.‏

 فصل ولد الأمة المنكوحة رقيق لمالكها

سواء كان زوجها الحر عربيا أو غيره وفي القديم قول أن العرب لا يجري عليهم الرق فيكون ولد العربي حرا وهل على الزوج قيمته كالمغرور أم لا شيء عليه لأن السيد رضي حين زوجها عربيا فيه قولان‏.‏

فرع في فتاوى القاضي حسين أنه لو زوج أمته بواجد طول حرة فالأولاد أرقاء لأن شبهة النكاح كالنكاح الصحيح‏.‏

 فصل نكح الحر أمة

بشروطه ثم أيسر أو نكح حرة لا ينفسخ وقال المزني ينفسخ‏.‏

 فصل جمع حر حرة وأمة في عقد

فإن كان ممن لا يحل الأمة باطل ونكاح الحرة صحيح على الأظهر وإن كان ممن يحل له نكاح الأمة بأن وجد حرة تسمح بمهر مؤجل أو بلا مهر أو بدون مهر المثل أو حرة كتابية وقلنا إن هذه المعاني لا تمنع نكاح الأمة بطل نكاح الأمة قطعاً لإستغنائه عنه وفي الحرة طريقان أظهرهما عند الإمام وبه قال صاحب التلخيص أنه على القولين وقال ابن الحداد وأبو زيد وآخرون يبطل قطعاً لأنه جمع بين إمرأتين يجوز إفراد كل منهما ولا يجوز الجمع فأشبه الأختين ومن قال بالأول فرق بأن الأختين ليس فيهما أقوى والحرة أقوى ولو جمع بين مسلمة ووثنية أو أجنبية ومحرم أو خلية ومعتدة أو مزوجة فهو كالجمع بين الحرة والأمة لمن لا تحل له الأمة وإذا صححنا نكاح من تحل له فقد سبق في تفريق الصفقة قول أنها تستحق جميع المسمى وأن المذهب أنها لا تستحق جميعه بل تستحق مهر المثل في قول وما يخص مهر مثلها من المسمى إذا وزع على مهر مثلها ومهر مثل الأخرى في قول فإن قلنا تستحق جميع المسمى فللزوج الخيار في فسخ الصداق والرجوع إلى مهر المثل كما ذكرنا في باب التفريق وإن قلنا تستحق مهر المثل فلا فسخ إذ لا فائدة فيه فإنه لو فسخ لرجع إليه وإن قلنا تستحق حصة مهر المثل من المسمى قال الشيخ أبو علي إن كان المسمى مما يمكن قسمته كالحبوب فلا خيار وإن كان مما لا يمكن كالعبد فله الخيار لتضرره بالتشقيص فإن فسخ فعليه مهر المثل واعلم أن الجميع بين من يحل ومن لا يحل يتصور بأن يكون المزوج وليهما بأن زوج أمته وبنته أو كان وكيلا لوليين أو ولي إحداهما ووكيلا في الأخرى وموضع الخلاف إذا قال زوجتك هذه وهذه بكذا فقال قبلت نكاحهما بكذا فأما إذا قال زوجتك بنتي هذه وزوجتك أمتي هذه فقال قبلت نكاح بنتك وقبلت نكاح أمتك أو اقتصر على قبول نكاح البنت فنكاح البنت صحيح بلا خلاف ولو فصل المزوج وقال الزوج قبلت نكاحهما أو جمع المزوج وفصل الزوج فهل هو كما لو فصلا جميعاً أو كما جمعا جميعاً وجهان أصحهما الأول ولو جمع بين أختين وأمة وهو ممن يحل له نكاح الأمة فنكاح الأختين باطل وفي الأمة الخلاف ولو قال زوجتك بنتي وبعتك هذا الزق من الخمر بكذا فقبلهما أو زوجتك بنتي وابني أو فرسي أو وهذا الزق صح نكاح البنت على المذهب لأن المضموم لا يقبل النكاح فلغا وقيل بطرد القولين فإن صححنا فلها مهر المثل إن قلنا فيمن جمع بين محللة ومحرمة للمحللة مهر المثل وإن قلنا هناك لها حصة مهر المثل من المسمى فقال البغوي يجب لها هنا جميع المسمى لتعذر التوزيع قلت ولو تزوج أمتين في عقد بطل نكاحهما قطعاً كالأختين‏.‏

وجميع ما ذكرناه في نكاح أمة غيره أردنا به غير أمة ولده وأما أمة ولده ففيها خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى‏.‏

في الباب العاشر والله أعلم‏.‏

الجنس الرابع من الموانع الكفرةالكفار ثلاثة أصناف‏:‏ أحدها الكتابيون فيجوز للمسلم مناكحتهم سواء كانت الكتابية ذمية أو حربية لكن تكره الحربية وكذا الذمية على الصحيح لكن أخف من كراهة الحربية والمراد بالكتابيين اليهود والنصارى فجما المتمسكون بكتب سائر الأنبياء الأولين كصحف شيث وإدريس وإبرهيم وزبور داود صلوات الله وسلامه عليهم فلا تحل مناكحتهم على الصحيح الصنف الثاني من لا كتاب له ولا شبهة كتاب كعبدة الأوثان والشمس والنجوم والمعطلة والزنادقة والباطنية والمعتقدين مذهب الإباحة وكل مذهب كفر معتقده فلا تحل مناكحتهم الصنف الثالث من لا كتاب لهم مكن لهم شبهة كتاب وهم المجوس وهل كان لهم كتاب فيه قولان أشبههما نعم وعلى القولين لا تحل مناكحتهم لأنه لا كتاب بأيديهم ولا نتيقنه من قبل فنحتاط وقال أبو إسحاق وأبو عبيد ابن حربويه يحل إن قلنا كان لهم كتاب وهذا ضعيف عند الأصحاب‏.‏

فرع الكتابية كالمسلمة في النفقة والقسم والطلاق وعامة أحكام النكاح لكن ولم نصحح نيتها وإذا طهرت عن حيض أو نفاس ألزمها الزوج الإغتسال فإن امتنعت أجبرناها عليه واستباحها وإن لم تنو للضرورة كما تجبر المسلمة المجنونة وعن الحليمي تخريجا على الإجبار على الغسل أن للسيد إجبار أمته المجوسية والوثنية على الإسلام لأن حل الإستمتاع يتوقف عليه‏.‏

والصحيح خلافه لأن الرق أفادها الأمان من القتل فلا تجبر كالمستأمنة وليس كالغسل فإنه لا يعظم الأمر فيه واختلف نص الشافعي رضي الله عنه في إجبار زوجته الكتابية على غسل الجنابة وقال الجمهور في إجبارها قولان وقيل الإجبار إذا طالت المدة وكانت النفس تعافها قلت ليس هو على إطلاقه بل هو فيما إذا طال بحيث حضر وقت صلاة فأما إذا لم تحضر صلاة ففي إجبارها القولان وهما مشهوران حتى في التنبيه والأظهر من القولين الإجبار‏.‏

والله أعلم‏.‏

وتجبر المسلمة أو الكتابية على التنظف بالإستحداد وقلم الأظفار وإزالة شعر الإبط والأوساخ إذا تفاحش شيء من ذلك بحيث نفر التواق فإن كان لا يمنع أصل الإستمتاع لكن يمنع كماله فقولان كغسل الجنابة ويجريان في منع الكتابية أكل الخنزير للإستقذار وفي كل ما يمنع كمال الإستمتاع والأظهر أن للزوج المنع منه وله المنع من أكل ما يتأذى من رائحته كالثوم والكراث على الأظهر وقيل قطعاً وله المنع من شرب ما تسكر به وفي القدر الذي لا يسكر القولان ويجريان في منع المسلمة من هذا القدر من النبيذ إذا كانت تعتقد إباحته وقيل بمنعهما قطعاً لأن ذلك القدر لا ينضبط ويختلف باختلاف الأشخاص ومتى تنجس فمها أو عضو آخر فله اجبارها على غسله بلا خلاف ليمكنه الإستمتاع به وله منعها من لبس جلد الميتة قبل دباغه ولبس ما له رائحة كريهة ويمنع الكتابية من البيع والكنائس كما يمنع المسلمة من الجماعات والمساجد‏.‏

 فصل في صفة الكتابية التي ينكحها المسلم

وهي ضربان إسرائيلية وغيرها ولها أحوال أحدها أن تكون من قوم يعلم دخولهم في ذلك الدين قبل تحريفه ونسخه فيحل نكاحها على الأظهر وقيل قطعاً وهؤلاء يقرون بالجزية قطعاً وفي حل ذبائحهم الخلاف كالمناكحة الحال الثاني أن يكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف وقبل النسخ فإن تمسكوا بالحق منه وتجنبوا المحرف منه فكالحال الأول وإن دخلوا في المحرف لم تحل مناكحتهم على المذهب ويقرون بالجزية على الأصح كالمجوس وأولى للشبهةالحال الثالث أن تكون ممن يعلم دخولهم بعد التحريف والنسخ فلا تحل مناكحتهم قطعاً فالذين تهودوا أو تنصروا بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم لا يناكحون وفي المتهودين بين نبينا وبين عيسى عليهما السلام وجهان أصحهما المنع ومن جوز كأنه يزعم أنا لا نعلم كيفية نسخ شريعة عيسى لشريعة موسى صلى الله عليهما وسلم وهل نسخت كلها أو بعضها وهؤلاء لا يقرون بالجزية الرابع أن تكون من قوم لا يعلم متى دخلوا فلا تحل مناكحتهم ويقرون بالجزية وبذلك حكمت الصحابة رضي الله أنهم في نصارى العرب هكذا أطلقه عامة الأصحاب من المتقدمين والمتأخرين وفيه شيء لا بد من معرفته وسنذكره في الفصل الذي بعد هذا إن شاء الله تعالى والذي ذكره الأصحاب في طرقهم جواز نكاحها على الإطلاق من غير نظر إلى آبائها أدخلوا في ذلك الدين قبل التحريف أم بعده وليس كذلك لأن ليس كل إسرائيلية يلزم دخول آبائها قبل التحريف وإن أشعر به كلام جماعة من الأئمة وذلك أن إسرائيل هو يعقوب صلى الله عليه وسلم وبينه وبين نزول التوراة زمان طويل ولسنا نعلم أدخل كل بني إسرائيل على كثرتهم في زمان موسى صلى الله عليه وسلم أم بعده قبل التحريف بل في القصص ما يدل على استمرار بعضهم على عبادة الأوثان والأديان الفاسدة وبتقدير إستمرار هذا في اليهود فلا يستمر في النصارى لأن بني إسرائيل بعد بعثة عيسى صلى الله عليه وسلم منهم من آمن به ومنهم من صد عنه فأصر على دين موسى ثم من المصرين من تنصر على تعاقب الزمان قبل التحريف وبعده ولكن كأن الأصحاب اكتفوا بشرف النسب وجعلوه حابرا لنقص دخول الآباء في الدين بعد التحريف حتى فارق حكمهن حكم غير الإسرائيليات إذا دخل آباؤهن بعد التحريف وأما الدخول فيه بعد بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم فلا تفارق فيه الإسرائيلية غيرها كما سنوضحه إن شاء الله تعالى وكلام الغزالي يقتضي النظر إلى حال الآباء في الإسرائيليات أيضاً حتى يكون نكاح الإسرائيلية التي دخل أول آبائها في ذلك الدين بعد التحريف على قولين كغير الإسرائيلية التي دخل آباؤها فيه قبل التحريف لكن كلام الأصحاب يخالفه فاعرفه وانظر كيف يمكنك تنزيل كلامه على منقول فرع الصابئون طائفة تعد من النصارى والسامرة طائفة تعد من اليهود فإن كانوا يخالفون اليهود والنصارى في أصل دينهم ولا يتأولون نص كتابهم لم يناكحوا كالمجوس وإن خالفوهم في الفروع دون الأصول وتأولوا نصوص كتابهم جازت مناكحتهم هذا هو المذهب وهو نصه في المختصر وقطع به الجمهور قال الشيخ أبو علي وأطلق بعض الأصحاب قولين في مناكحتهم‏.‏

قال الإمام لا مجال للخلاف فيمن تكفرهم اليهود والنصارى ويخرجونهم عنهم لكن يمكن الخلاف فيمن جعلوه كالمبتدع فينا وإذا شككنا في جماعة أيخالفونهم في الأصول أم الفروع لم نناكحهم والصابئون فيما نقل فرقتان فرقة توافق النصارى في أصول الدين وفرقة تخالفهم وهم الذين أفتى الإصطخري بقتلهم‏.‏

 فصل في الإنتقال من دين إلى دين

هو ثلاثة أقسام‏:‏ القسم الأول من دين باطل إلى دين باطل وهو ثلاثة أضرب أحدها الإنتقال من دين يقر أهله عليه إلى ما يقر أهله عليه كتهود نصراني وعكسه فهل يقر على ما انتقل إليه بالجزية أم لا يقبل منه إلا الإسلام أو الدين الذي انتقل منه فيه ثلاثة أقوال أظهرها الأول ثم الثاني قلت الأصح لا يقبل منه إلا الإسلام والله أعلم‏.‏

فعلى الأول تحل ذبيحته وإن كانت إمرأة حل للمسلم نكاحها وإن كانت منكوحة مسلم استمر نكاحه وإن قلنا لا يقر لم تحل ذبيحته ولا نكاحها وإذا انتقلت منكوحة مسلم فكردة المسلمة فتتنجز الفرقة قبل الدخول وتقف على انقضاء العدة بعده وإذا قلنا بالقول الثاني والثالث وامتنع من الإسلام أو منه ومن الدين الذي انتقل منه فقولان أحدهما يقتل كالمرتد وأشبههما يلحق بمأمنه كمن نبذ العهد ثم هو حرب لنا إن ظفرنا به قتلناه ولو تمجس يهودي أو نصراني ففي تقريره وعدمه وما يقبل منه الأقوال وقيل يمنع التقرير قطعاً لكونه دون دينه الأول فإن لم نقره وأبي الرجوع ففي القتل والالحاق بالمأمن القولان وعلى كل حال لا تحل ذبيحته ولا نكاحها وإن كانت منكوحة مسلم تنجزت الفرقة إن كان قبل الدخول وإلا فإن أسلمت قبل انقضاء العدة أو عادت إلى دينها وقنعنا به دام النكاح وإلا بان حصول الفرقة من وقت الانتقال ولو تمجست كتابية تحت كتابي فإن كانوا لا يجوزون نكاح المجوس فكتمجسها تحت مسلم وإلا فنقرهما إذا أسلما ولو تهود أو تنصر مجوسي ففي التقرير الأقوال فإن منعناه فالتفريع كما سبق ولا تحل ذبيحت ونكاحها بحال لأن الانتقال من باطل الى باطل لا يفيد فضيلة الضرب الثاني انتقال مما يقر عليه الى ما لا يقر كتوثن يهودي أو نصراني فلا يقر قطعاً وهل يقنع بعوده الى ما انتقل منه أو دين يقر أهله عليه أم لا يقبل إلا الاسلام أو ما انتقل منه أم لا يقبل إلا الإسلام فيه ثلاثة أقوال وإن كان هذا الانتقال من كتابية تحت مسلم انفسخ نكاحها إن لم يدخل وإن دخل فعادت الى ما يقبل قبل انقضاء العدة استمر نكاحها وإلا تبين الفراق من وقت الانتقال ولو توثن مجوسي لم يقر وفيما يقنع به الأقوال الضرب الثالث عكس الثاني كتهود وثني وتنصره وتمجسه فلا يقر ولا يقبل منه إلا الإسلام قطعاً كالمرتد لأنه كان لا يقر فلا يستفيده بباطل وإذا تأملت حكم هذه الأضرب علمت أن الإنتقال من دين باطل إلى باطل يبطل الفضيلة التي كانت في الأول ولا يفيد فضيلة لم تكن في الأول ولكن تبقى الفضيلة التي يشترك فيها الدينان إن قلنا بالتقرير وعلمت أن كلامهم المطلق في الفصل السابق أن من دخل في التهود والتنصر بعد النسخ والتبديل لا يناكح ولا يقر بالجزية غير مستمر على إطلاقه لأن من تهود أو تنصر اليوم فقد دخل في ذلك الدين بعد النسخ والتبديل وقد بينا الخلاف في مناكحته وتقريره بالجزية إذا كان الدخول من دين يقر أهله عليه فإذا إطلاقهم هناك وجزمهم بالمنع محمول على ما إذا كان الدخول فيه من دين لا يقر أهله كالوثنية وهذا هو البيان الذي سبق الوعد به‏.‏

إذا قبلنا رجوعه إلى غير الإسلام في هذه الصورة لا نقول أسلم أو عد إلى ما كنت عليه بل نأمره بالإسلام لكن نتركه إذا عاد إلى غيره القسم الثاني الإنتقال من دين حق إلى باطل وهو ردة المسلم والعياذ بالله فلا يقبل منه إلا الإسلام فإن أبى قتل كما سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى ولا يحل نكاح المرتد لأحد وإذا ارتد الزوجان أوأحدهما قبل الدخول تنجزت الفرقة وبعده نقف على العدة فإن جمعهما الإسلام قبل انقضائها استمر النكاح وإلا بان حصول الفرقة من وقت الردة وفي مدة التوقف لا يحل الوطء فلو وطىء فلا حد وتجب العدة وهما عدتان من شخص فهو كوطء مطلقته في عدته واجتماعهما في الإسلام هنا كرجعته هناك فيستمر النكاح إذا جمعهما الإسلام في الحالات التي يحكم فيها بثبوت الرجعة هناك ولو طلقها في مدة التوقف أو ظاهر منها أو آلى توقفنا فإن جمعهما الإسلام قبل انقضاء العدة تبينا صحتها وإلا فلا وليس للزوج إذا ارتدت أن ينكح أختها في مدة التوقف ولا أربعا سواها ولا أن ينكح أمة فإن طلقها ثلاثا في مدة التوقف أو خالعها جاز له ذلك لأنها إن لم تعد إلى الإسلام فقد بانت بنفس الردة وإلا فبالطلاق أو الخلع‏.‏

وهو باب نكاح المشرك الآتي إن شاء الله تعالى فرع من أحد أبويه كتابي والآخر وثني يقر بالجزية على المذهب وأما مناكحته ومناكحة من أحد أبويه مجوسي والآخر يهودي أو نصراني أو ذبيحته فإن كانت الأم هي الكتابية لم يحل قطعاً وكذا إن كان هو الأب على الأظهر هذا في صغر المتولد منهما فأما إذا بلغ وتدين بدين الكتابي منهما فقال الشافعي رضي الله عنه تحل مناكحته وذبيحته فمن الأصحاب من أثبت هذا قولا ومنهم من قال لا أثر لبلوغه وحمل النص على ما إذا كان أحد أبويه يهودياً والآخر نصرانيا فبلغ واختار دين أحدهما ولو تولد بين يهودي ومجوسية فبلغ واختار التمجس فعن القفال أنه يمكن منه ويجري عليه حكم المجوس وقال الإمام لا يمتنع أن يقال إذا أثبتنا له حكم اليهود في الذبيحة والمناكحة أن نمنعه من التمجس إذا منعنا انتقال الكافر من دين إلى دين‏.‏